أكدت سفيرة المغرب بمدريد، كريمة بنيعيش، أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تُعد نموذجًا للتعاون الاستراتيجي المثمر، مستندة إلى قربهما الجغرافي وروابطهما التاريخية العميقة. جاء ذلك خلال مشاركتها في ندوة عُقدت في المركز الثقافي المرموق “أتينيو” بمدريد تحت عنوان: “العلاقات المغربية الإسبانية: أبرز المحطات التاريخية والتحديات الراهنة”.
شراكة استراتيجية مبنية على الاحترام المتبادل
أوضحت بنيعيش أن العلاقات بين المملكتين تقوم على التعاون المثمر والحوار المستمر، وفق خارطة طريق طموحة تراعي المصالح المشتركة. وأبرزت الدور المحوري للتكامل والتنوع في تعزيز هذه العلاقة النموذجية التي تشمل جميع القطاعات الاستراتيجية، بدءًا من الاقتصاد وصولًا إلى الثقافة والتعليم.
علاقات اقتصادية قوية
على الصعيد الاقتصادي، يُعد المغرب ثالث أكبر شريك تجاري لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وذكرت بنيعيش أن المغرب يحتضن حوالي ألف شركة إسبانية من بين 20 ألف شركة إيبيرية تربطها علاقات تجارية منتظمة مع المملكة، باستثمارات تُقدر بملياري يورو، مما يسهم في خلق 20 ألف وظيفة بقطاعات استراتيجية.
وفي المقابل، تُكثف الشركات المغربية الكبرى، مثل المكتب الشريف للفوسفاط، استثماراتها في إسبانيا، مما يعكس دينامية اقتصادية قائمة على التكامل والازدهار المشترك.
تطور التبادل الثقافي والتعليمي
أشارت بنيعيش إلى الدور المهم للتبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين. حيث يدرس حوالي 12 ألف طالب مغربي في إسبانيا، وهو ما يمثل 10% من إجمالي الطلاب الأجانب هناك. كما يُعد المغرب الدولة التي تضم أكبر شبكة لمعاهد ثيربانتس في العالم، ما يُعزز من تبادل المعرفة والثقافة.
النقل والسياحة: روابط متزايدة
يتميز التعاون بين البلدين بازدهار التبادلات في مجال النقل والسياحة، مع وجود أكثر من 260 رحلة جوية أسبوعيًا و60 رحلة بحرية يوميًا. وشهد عام 2024 تسجيل رقم قياسي بلغ 3 ملايين زائر إسباني إلى المغرب، بزيادة 16% عن العام السابق، مما يعكس مكانة إسبانيا كثاني أكبر سوق سياحي للمغرب.
مشروع مشترك لاستضافة كأس العالم 2030
أكدت بنيعيش على أهمية التعاون الثلاثي بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم 2030. هذا المشروع غير المسبوق يجمع بين أوروبا وإفريقيا، وشمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، ليُبرز الثقة المتبادلة والانسجام بين الدول الثلاث.
عمق الروابط التاريخية
من جانبه، أشار المؤرخ الإسباني فيكتور موراليس ليزكانو إلى أن الروابط التاريخية العميقة بين المغرب وإسبانيا تُشكل أساسًا متينًا لتعزيز العلاقات الحالية. ولفت إلى أهمية الفهم المتبادل للتاريخ المشترك من أجل بناء تعاون أقوى وأكثر استدامة.
دور الجامعات والمجتمع الأكاديمي
أشاد رئيس قسم الدراسات الإسبانية بجامعة محمد الأول بالناظور، حسن العربي، بالدور الذي تلعبه الجامعات المغربية والإسبانية في تعزيز الفهم المتبادل. واعتبر أن الأبحاث الأكاديمية تُساهم في دحض الأفكار المسبقة وتوعية المجتمعين المغربي والإسباني بأهمية التعاون الثقافي والإنساني.
نحو شراكة استراتيجية مستدامة
تُمثل العلاقات المغربية الإسبانية نموذجًا للتعاون المتعدد الأبعاد الذي يعزز الاستقرار والازدهار في منطقة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. من خلال التبادل الاقتصادي والثقافي والدعم المتبادل في المشاريع الكبرى، يُظهر البلدان التزامًا مشتركًا ببناء مستقبل أفضل يقوم على الاحترام المتبادل والمصالح الاستراتيجية المشتركة.